بالتنسيق مع الهيئة السعودية للحياة الفطرية استضافت مجموعة رصد وحماية الطيور الأستاذ الدكتور محمد بن يسلم شبراق وهو مستشار الهيئة السعودية للحياة الفطرية والمشرف العام لمركز الأمير سعود الفيصل لأبحاث الحياة الفطرية وأستاذ البيئة الحيوانية بجامعة الطائف في محاضرة قيمة ومميزة جداً تحت عنوان ” حماية مسارات الهجرة للطيور” بحضور نخبة من المختصين والمهتمين بالطيور وذلك في جمعية الثقافة والفنون بالأحساء مساء يوم الإثنين 18 مارس 2019م .
بداية أعرب الأستاذ الدكتور محمد شبراق عن سعادته بوجود أمثال هذه المجموعات المهتمة بالطيور مشجعاً الجميع للمزيد من العطاء ، ليستفتح حديثه بعد ذلك بتعريف الحضور عن دور مركز الأمير سعود الفيصل لأبحاث الحياة الفطرية كمشاركته في برامج التعليم والتوعية البيئية لتحفيز الدعم من قبل جميع شرائح المجتمع للمحافظة على الحياة الفطرية وإجراء الدراسات والأبحاث البيئية على الأنواع المعاد توطينها بمحميات الهيئة وتطوير البرامج لإعادة توطين الأحياء الفطرية المهددة بالإنقراض وإكثارها وتأهيلها وغير ذلك .
وفي أول فصل من فصول المحاضرة ، تطرق الأستاذ الدكتور محمد شبراق إلى أهمية الطيور والتي شدت انتباه الإنسان منذ الخليقة وشاركته تاريخه وثقافته ، مستشهداً بقصة قابيل ومقتل أخيه هابيل وكيف كان أول درس له من طائر الغراب في كيفية دفن أخيه ومعرجاً على قصة الهدهد وتوحيده وشجاعته في قصة نبي الله سليمان (ع) لينتقل بعدها عن الثقافة الإنسانية في الطيور و رمزيتها في الخير أو الشر وكيف انها لازالت مصدر إلهام للإنسان وعلى مر العصور .
وعن أهميتها يقول الدكتور بأن الطيور من أكثر المجموعات الحيوانية انتشاراً والتي تتواجد في كل البيئات ، وهي من أكثر المجموعات الحيوانية التي درس العلماء توزيعها الجغرافي وسلوكها وبيئاتها موضحاً بأن الطيور تعتبر اليوم مؤشر هام لحالة البيئة والتنوع الأحيائي وذلك من خلال ملاحظة التغير في أعدادها . كما أن الطيور تقدم خدمات بيئية مجانية ، مستشهداً في ذلك ببعض الدراسات العلمية كدراسة هينك بومان وجريج سيمس وهانالين دوبليسيس عن صقر الأميور في جنوب أفريقيا والذي يخلصها أكثر من 2.5 تريليون نملة بيضاء خلال قضائه فترة الشتاء فيها ، وكيف أن قتل تلك الصقور في الهند كان له الأثر السلبي الكبير على جنوب أفريقيا . كما استشهد بدراسة علمية أخرى تمت في المملكة بمحمية محازة بالطائف والتي أوضحت بأن النسور تقوم بالتخلص من 32% من الحيوانات النافقة حول المحمية . مؤكداً على أهمية المحافظة على النسور من خلال عرض مجموعة من الدراسات عن النسور السمراء بالقارة الهندية وكيف أن تناقصها الكبير كلف الحكومة الهندية خسارة كبيرة تصل إلى 34 بليون دولار .
ثم انتقل شبراق للحديث عن هجرة الطيور مبتدءاً بتعريف مصطلح الهجرة علمياً وسياسياً وتعريف مسار الهجرة والمسارات الثمانية للطيور المائية والتي دمجت بعد ذلك إلى أربع مسارات تعرف بمسارات الأنواع المتعددة والتي طرحت كاتفاقيات ومذكرات تفاهم وخطط عمل بين الدول ، والتي تعني بكيفية حماية الطيور المهاجرة بينها . وهي : مسار إيوروآسيا وأفريقيا ، مسار وسط وجنوب آسيا ، مسار شرق آسيا واستراليا ومسار الهجرة بين الأمريكيتين . كما تحدث الدكتور بشيء من التفصيل عن استراتيجة الحركة للطيور كالرفرفة والتحليق وغيرها .
وقد قسمت الطيور حسب مساحات التحرك إلى عدة أقسام وهي : (1) النط : وهي التي تتحرك لمسافات قصيرة بين مئات الكيلومترات والألف كيلومتر .وهذه الطيور تحتاج إلى مواقع عديدة للتوقف والتغذية . (2) القفز : وهي الطيور ذات الحركة المتوسطة وتتراوح المسافات مابين 1200 – 2000 كيلومتر . وهذه الطيور تحتاج إلى مناطق أقل للتغذية والراحة خلال رحلتها . (2) الوثب : وهي الطيور التي تطير بين مواقع تبعد عن بعضها 3000 إلى 5000 كيلومتر أو أكثر بدون توقف وهي بحاجة إلى كمية كبيرة من الدهون خلال رحلتها والتي حين وصولها قد تفقد الطير 40% من وزنه . مشيراً إلى أهمية حماية تلك المواقع لحماية الطيور من الهلاك .
ثم تناول الأستاذ الدكتور في حديثه توزيع الطيور عبر مسار الهجرة والتي قسمها إلى الهجرة الضيقة والهجرة الواسعة والهجرة الحلزونية والهجرة الضفدعية وهجرة إسقاط الريش أو الإنسلاخ وهجرة بدوية وهجرة الإنتشار متحدثاً عن كل هجرة بمزيد من التفصيل . ليتبع ذلك بالحديث عن المواقع ضمن مسار الهجرة ليقسمها إلى مناطق التكاثر ومناطق بعد التكاثر ومناطق اسقاط الريش ومناطق العبور ومناطق الراحة ومناطق خارج موسم التكاثر ومناطق العبور الضيقة . كما قسم الطيور المهاجرة حسب أوقات وصولها إلى أربعة أقسام وهي الطيور العابرة والطيور الزائرة الصيفية والطيور الزائرة الشتوية والطيور السائحة .
كما تحدث شبراق عن طرق متابعة الطيور المهاجرة وذلك من خلال التحجيل ( الحلقات المعدنية ) أو الاستشعار عن بعد في أجهزة الإرسال VHF أو عن طريق الأقمار الصناعية . كما تحدث عن قيمتها العلمية الكبيرة في معرفة أماكن رحلة الطائر ومسارات هجرته وغيرها الكثير من المعلومات .
واختتم الدكتور محاضرته الثرية بالمعلومات للحديث عن المخاطر التي تواجه الطيور ، كالصيد الجائر وشبك الصقور وتجارة الحياة الفطرية وتدهور البيئات متحدثا عن النفط والصرف الصحي والمصانع والتلوث البلاستيكي وخطورته وردم الشواطئ والتوسع العمراني غير المستدام وكذلك عن خطر التسميم ومشاريع الطاقة غير المدروسة التي تفتك بالطيور مشدداً على ضرورة التعاون من أجل عمل دراسات بيئية لأي مشروع طاقة وذلك لمعرفة الآثار الجانبية ومحاولة تجنبها أو تخفيفها .
التغطية الإعلامية : حسين الجاسم – هاني الصولان – محمد الحبيب