في هذا التقرير نسلط الضوء على أحد التوثيقات المهمة في عالم الطيور في شبه الجزيرة العربية حيث تمكن عضو المجموعة علي آل درويش من توثيق تفريخ طائر أبو اليسر لأول مرة في شرق المملكة العربية السعودية
أبو اليسر المطوق (Glareola pratincola (Collared Pratincole
ينتمي أبو اليسر المطوق أو كما يعرفه أغلب سكان الجزيرة العربية بخطاف عُمان إلى عائلة أبو اليسر Glareolidae والتي ينتمي لها العديد من الأنواع، حيث يصل للجزيرة العربية منها 4 أنواع ويعد المطوق أشهرها وأكثرها انتشار .
يعد طائر أبو اليسر من الطيور منتظمة الهجرة كل عام إلى شبة الجزيرة العربية ودول شمال أفريقيا حيث يقضي فيها فصلي الخريف و الشتاء متنقلاً بين أرجائها ، يبحث فيها عن الغذاء ودرجات الحرارة المناسبة ، وما إن يعلن الصيف عن بدايته حتى تعود أسرابه إلى مواطنها المعتدلة ، حيث لوحظ بأنه يهاجر ويتنقل على شكل جماعات صغيره تتراوح أعدادها من ١٠-٢٠ طائر .
يتكاثر أبو اليسر المطوق في مواطنه الصيفية المعتدلة خلال فصلي الربيع والصيف في شمال ايران وأفغانستان وجنوب كازخستان كما تم تسجيل تفريخه في أجزاء من باكستان ودول المغرب العربي . وتشير بعض المصادر والأبحاث الى تسجيل تكاثره في غرب الجزيرة العربية وفي دولة الامارات العربية المتحدة.
تفريخ أبو اليسر المطوق في شرق المملكة العربية السعودية
مع بداية شهر مايو من كل عام ومع اشتداد درجات الحرارة في وقت النهار في شرق الجزيرة العربية ، تبدأ أغلب الطيور المهاجرة بشد رحالها نحو الجنوب هرباً من درجات الحرارة العالية ، إلا ان المشاهدات المسجلة في أرشيف مجموعة رصد وحماية الطيور تشير الى أن بعض الطيور تهاجر متأخرة كل عام ومنها بعض المجموعات من طائر أبو اليسر المطوق والذي تم رصد تواجده لسنتين متواليتين (٢٠١٨-٢٠١٩ م) حتى بداية شهر يوليو .
في هذا العام٢٠٢٠م كان شهر مايو شهراً استثنائياً لعضو المجموعة علي ال درويش حيث شاهد مجموعة من طيور طائر أبو اليسر شمال محافظة القطيف بعد إفادة أحد الأصدقاء بوجودها في مساحة سبخيه داخل مزرعته. كان التاريخ يشير إلى الرابع من مايو ودرجة الحرارة لا تتجاوز منتصف الثلاثينات في وقت العصر، وقد كان لعضو المجموعة علي آل درويش يومين وهو يراقب ويوثق عن كثب زوج من ذات المجموعة ، هذا الزوج لم يبرح المنطقة الموجود فيها الا نادراً ، بالإضافة إلى أنه قد أظهر بعض السلوكيات التي توحي باحتمال تعشيشه في المنطقة . وبما آن سجلات المجموعة تشير الى مشاهدة عملية تزاوج للطائر سابقاً في منطقة قريبة من ذات المنطقة ، فكانت احتمالية تعشيشه واردة جداً .
وبعد مراقبة حثيثة للزوج في ذات اليوم ، تمكن آل درويش من مشاهدة العش وفيه ٣ بيضات مزركشات في ذات السبخة الجافة وفي مكان لا تتوفر فيه أي عوامل لحمايه البيض من المفترسات أو المهددات غير التمويه العجيب بين لون البيض والطائر والبيئة المحيطة .
بعدها بدأت مرحلة المتابعة والتوثيق لمراحل التفريخ ، والتي استمرت حتى تاريخ ١٥ مايو. حيث قٌسّمت فترة المتابعة إلى ستة أيام متباعدة بفارق يوم أو يومين بينهما ، وكانت فترة المتابعة اليومية في كل فترة لا تتجاوز الساعتين في أحسن الحالات نظراً لظروف الحظر المفروضة بسبب جائحه كورونا في العالم .
وفي اليوم الأخير من أيام المراقبة وهو الخامس عشر من مايو حدث مالم يكن في الحسبان حيث وصل عضو المجموعة لمكان العش ولم يجد أي آثر له ولا للطائرين!! في بادئ الأمر ظن بأن عملية التفريخ قد تمت وفقست الصغار وهجرت العش وهذا أمر مألوف جداً في نظيرات أبو اليسر من الخواضات ، لكن ومع الإقتراب من مكان العش توضح بأنه قد تعرض للدهس من قبل شاحنة زراعية كانت قد دخلت المنطقة في وقت مبكر من ذات اليوم .
لتنتهي بذلك مراحل التوثيق الأول لتفريخ طائر أبو اليسر المطوق في شرق الجزيرة العربية في مرحلة احتضان البيض .
ويسعدنا أن نبارك للعضو علي آل درويش هذا الإنجاز وأن نزف للأخوة الراصدين والباحثين والمهتمين هذا الخبر الذي وإن دل فأنه يدل على مناسبة بيئتنا لاحتضان تكاثر هذه الطيور ، وضرورة الإهتمام بها وصيانتها .
This Post Has One Comment
تقرير جميل ورصد رائع جهد مميز وبالتوفيق الدائم